فصل: تفسير الآية رقم (33):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (33):

{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)}
{وسخر لكم الشمس والقمر} ذلَّلهما لما يُراد منهما {دائبين} مقيمين على طاعة الله سبحانه وتعالى في الجري {وسخر لكم الليل} لتسكنوا فيه {والنهار} لتبتغوا من فضله ومعنى {لكم} في هذه الآية لأجلكم، ليس أنَّها مسخَّرة لنا، هي مسخَّرةٌ لله سبحانه لأجلنا ويجوز أنَّها مسخَّرة لنا لانتفاعنا بها على الوجه الذي نريد.

.تفسير الآيات (34- 37):

{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)}
{وإن تعدوا نعمة الله} إنعام الله عليكم {لا تحصوها} لا تطيقوا عدَّها {إن الإنسان} يعني: الكافر {لظلوم} لنفسه {كفَّار} نعمة ربِّه. وقوله: {واجنبني} أَيْ: بعِّدني واجعلني من على جانبٍ بعيدٍ.
{ربِّ إنهن أضللن كثيراً من الناس} أَيْ: ضلُّوا بسببها {فمن تبعني} على ديني {فإنه مني} من المتدينين بديني {ومن عصاني} فيما دون الشِّرك {فإنك غفور رحيم}.
{ربنا إني أسكنت من ذريتي} يعني: إسماعيل عليه السَّلام {بوادٍ غير ذي زرعٍ} مكَّة حرسها الله {عند بيتك المحرَّم} الذي مضى في علمك أنَّه يحدث في هذا الوادي {ربنا ليقيموا الصلاة} ليعبدوك {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} تريدهم وتحنُّ إليهم لزيارة بيتك {وارزقهم من الثمرات} ذُكر تفسيره في سورة البقرة {لعلَّهم يشكرون} كي يُوحِّدوك ويُعظِّموك.

.تفسير الآيات (39- 44):

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)}
{الحمد لله الذي وهب لي} أعطاني {على الكبر إسماعيل} لأنَّه وُلد له وهو ابن تسع وتسعين {وإسحاق} وُلد له وهو ابن مائة سنة واثنتي عشرة سنة. وقوله: {ومن ذريتي} أَيْ: واجعل منهم مَنْ يقيم الصَّلاة، وقوله: {ولوالدي} استغفر لهما بشرط الإِيمان.
{ولا تحسبن الله غافلاً عمَّا يعمل الظالمون} يريد: المشركين من أهل مكَّة {إنما يؤخرهم} فلا يعاقبهم في الدُّنيا {ليوم تشخص} تذهب فيه أبصار الخلائق إلى الهواء حيرةً ودهشةً.
{مهطعين} مسرعين منطلقين إلى الداعي {مقنعي} رافعي {رؤوسهم} إلى السماء لا ينظر أحدٌ إلى أحدٍ {لا يرتدُّ إليهم طرفهم} لا ترجع إليهم أبصارهم من شدَّة النَّظر فهي شاخصةٌ {وأفئدتهم هواء} وقلوبهم خاليةٌ عن العقول بما ذهلوا من الفزع. وقوله: {فيقول الذين ظلموا} أَيْ: أشركوا {ربنا أخرنا إلى أجل قريب} استمهلوا مدَّةً يسيرةً كي يجيبوا الدَّعوة، فيقال لهم: {أَوَلَمْ تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} حلفتم في الدُّنيا أنَّكم لا تُبعثون ولا تنتقلون إلى الآخرة، وهو قوله: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت...} الآية.

.تفسير الآيات (45- 52):

{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}
{وسكنتم} في الدُّنيا {في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} يعني: الأمم الكافرة {وتبيَّن لكم كيف فعلنا بهم} فلم تنزجروا {وضربنا لكم الأمثال} في القرآن فلم تعتبروا.
{وقد مكروا مكرهم} يعني: مكرهم بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وما همُّوا به من قتله أو نفيه {وعند الله مكرهم} هو عالمٌ به لا يخفى عليه ما فعلوا، فهو يجازيهم عليه {وإن كان} وما كان {مكرهم لتزول منه الجبال} يعني: أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْ: ما كان مكرهم ليبطل أمراً هو في ثبوته وقوَّته كالجبال.
{فلا تحسبن الله} يا محمد {مخلف وعده رسله} ما وعدهم من الفتح والنَّصر {إنَّ الله عزيز} منيع {ذو انتقام} من الكفَّار يجازيهم بما كان من سيئاتهم.
{يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} تُبدَّل الأرض بأرضٍ كالفضَّة بيضاء نقيَّة يُحشر النَّاس عليها، والسَّماء من ذهبٍ {وبرزوا} وخرجوا من القبور، كقوله تعالى: {وبرزوا لله جميعاً}.
{وترى المجرمين} الذين زعموا أنَّ لله شريكاً وولداً يوم القيامة {مقرنين} موصولين بشياطينهم. كلُّ كافرٍ مع شيطانٍ في غلٍّ، والأصفاد: سلاسل الحديد والأغلال.
{سرابيلهم} قُمصهم {من قطران} وهو الهِناء الذي يُطلى به الإِبل، وذلك أبلغ لاشتعال النَّار فيهم {وتغشى وجوههم} وتعلو وجوههم {النار}.
{ليجزي الله كلَّ نفس} من الكفَّار {ما كسبت} أَيْ: ليقع لهم الجزاء من الله سبحانه بما كسبوا.
{هذا} القرآن {بلاغ للناس} أَيْ: أنزلناه إليك لتبلِّغهم {ولينذروا به} ولتنذرهم أنت يا محمد {وليعلموا} بما ذُكر فيه من الحجج {أنما هو إله واحدٌ وليذكر} وليتَّعظ {أولوا الألباب} أهل اللُّبِّ والعقل والبصائر.

.سورة الحجر:

.تفسير الآيات (1- 4):

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}
{الر} أنا الله أرى {تلك آيات} هذه آيات {الكتاب} الذي هو قرآن مبين للأحكام.
{ربما يودُّ...} الآية. نزلت في تمنِّي الكفَّار الإِسلام عند خروج مَنْ يخرج من النَّار.
{ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} يقول: دع الكفَّار يأخذوا حظوظهم من دنياهم {ويلههم الأمل} يشغلهم الأمل عن الأخذ بحظِّهم من الإِيمان والطَّاعة {فسوف يعلمون} إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا.
{وما أهلكنا من قرية} يعني: أهلها {إلاَّ ولها كتابٌ معلوم} أجلٌ ينتهون إليه. يعني: إنَّ لأهل كلِّ قرية أجلاً مؤقَّتاً لا يُهلكهم حتى يبلغوه.

.تفسير الآيات (5- 14):

{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)}
{ما تسبق من أمة أجلها} أيْ: ما تتقدَّم الوقت الذي وُقَّت لها {وما يستأخرون} لا يتأخَّرون عنه.
{وقالوا يا أيُّها الذي نُزِّل عليه الذكر} أَي: القرآن. قالوا هذا استهزاءً.
{لو ما} هلا {تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} أنَّك نبيٌّ، فقال الله عزَّ وجلَّ: {ما ننزل الملائكة إلاَّ بالحق} أَيْ: بالعذاب {وما كانوا إذاً منظرين} أَيْ: لو نزلت الملائكة لم يُنظروا ولم يُمهلوا.
{إنا نحن نزلنا الذِّكر} القرآن {وإنا له لحافظون} من أن يُزاد فيه أو يُنقص.
{ولقد أرسلنا من قبلك} أَيْ: رسلاً {في شيع الأوَّلين} أَيْ: فِرَقِهم.
{وما يأتيهم من رسول إلاَّ كانوا به يستهزئون} تعزيةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
{كذلك} أَيْ: كما فعلوا {نسلكه} ندخل الاستهزاء والشِّرك والضَّلال {في قلوب المجرمين} ثمَّ بيَّن أَيَّ شيء الذي أدخل في قلوبهم، فقال: {لا يؤمنون به} أَيْ: بالرَّسول {وقد خلت} مضت {سنَّة الأولين} بتكذيب الرُّسل، فهؤلاء المشركون يقتفون آثارهم في الكفر.
{ولو فتحنا عليهم} على هؤلاء المشركين {باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون} فطفقوا فيه يصعدون لجحدوا ذلك وقالوا: {إنما سكِّرت أبصارنا}.

.تفسير الآيات (15- 21):

{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)}
{إنما سكِّرت أبصارنا} أَيْ: سُدَّت بالسِّحر، فتتخايل لأبصارنا غير ما نرى {بل نحن قوم مسحورون} سحرنا محمد- صلى الله عليه وسلم- فلا نبصر.
{ولقد جعلنا في السماء بروجاً} يعني: منازل الشَّمس والقمر {وزيناها} بالنُّجوم للمعتبرين والمستدلِّين على توحيد صانعها.
{وحفظناها من كلّ شيطان رجيم} مرميٍّ بالنُّجوم.
{إلاَّ من استرق السمع} يعني: الخطفة اليسيرة {فأتبعه} لحقه {شهاب} نارٌ {مبين} ظاهرٌ لأهل الأرض.
{والأرض مددناها} بسطناها على وجه الماء {وألقينا فيها رواسي} جبالاً ثوابت لئلا تتحرَّك بأهلها {وأنبتنا فيها} في الجبال {من كلِّ شيء موزون} كالذَّهب والفضَّة والجواهر.
{وجعلنا لكم فيها معايش} من الثِّمار والحبوب {ومَنْ لستم له برازقين} العبيد والدَّوابَّ والأنعام، تقديره: وجعلنا لكم فيها معايش وعبيداً وإماءً ودوابَّ نرزقهم ولا ترزقونهم.
{وإن من شيء} يعني: من المطر {إلاَّ عندنا خزائنه} أَيْ: في حكمنا وأمرنا {وما ننزله إلاَّ بقدر معلوم} لا ننقصه ولا نزيده، غير أنَّه يصرفه إلى مَنْ يشاء، حيث شاء، كما شاء.

.تفسير الآيات (22- 24):

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)}
{وأرسلنا الرياح لواقح} السَّحاب تَمُجُّ الماء فيه، فهي لواقح، بمعنى: ملقحاتٌ. وقيل: لواقح: حوامل؛ لأنَّها تحملُ الماء والتُّراب والسَّحاب {فأسقيناكموه} جعلناه سقياً لكم {وما أنتم له} لذلك الماء المنزل من السَّماء {بخازنين} بحافظين، أَيْ: ليست خزائنه بأيديكم.
{وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون} إذا مات جميع الخلائق.
{ولقد علمنا المستقدمين...} الآية. حضَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصَّف الأوَّل في الصَّلاة، فازدحم النَّاس عليه، فأنزل الله سبحانه هذه الآية. يقول: قد علمنا جميعهم، وإنَّما نجزيهم على نيَّاتهم.

.تفسير الآيات (26- 27):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}
{ولقد خلقنا الإنسان} آدم {من صلصال} طينٍ منتنٍ {من حمأ} طينٍ أسود {مسنون} متغيِّر الرَّائحة.
{والجانَّ} أبا الجنِّ {خلقناه من قبل} خَلْقِ آدم {من نار السموم} وهي نارٌ لا دخان لها.

.تفسير الآية رقم (29):

{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)}
{فإذا سويته} عدَّلت صورته {ونفخت فيه} وأجريت فيه {من روحي} المخلوقة لي {فقعوا} فخرُّوا {له ساجدين} سجود تحيَّةٍ.

.تفسير الآية رقم (35):

{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)}
{وإنَّ عليك اللعنة...} الآية. يقول: يلعنك أهل السَّماء وأهل الأرض إلى يوم الجزاء، فتحصل حينئذٍ من عذاب النَّار.

.تفسير الآيات (38- 45):

{إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}
{إلى يوم الوقت المعلوم} يعني: النَّفخة الأولى حين يموت الخلائق.
{قال رب بما أغويتني} أَيْ: بسبب إغوائك إيَّاي {لأُزَيِّنَنَّ لهم} لأولاد آدم الباطل حتى يقعوا فيه.
{إلاَّ عبادك منهم المخلصين} أَيْ: المُوحِّدين المؤمنين الذي أخلصوا دينهم عن الشِّرك.
{قال هذا صراط عليّ} هذا طريق عليَّ {مستقيم} مرجعه إليَّ، فأجازي كلاً بأعمالهم. يعني: طريق العبوديَّة.
{إنَّ عبادي} يعني: الذين هداهم واجتباهم {ليس لك عليهم سلطانٌ} قوَّةٌ وحجَّةٌ في إغوائهم، ودعائهم إلى الشِّرك والضَّلال.
{وإنًّ جهنم لموعدهم أجمعين} يريد: إبليس ومَنْ تبعه من الغاوين.
{لها} لجهنم {سبعة أبواب} سبعة أطباقٍ، طبقٌ فوق طبقٍ {لكلِّ باب منهم} من أتباع إبليس {جزء مقسوم}.
{إنَّ المتقين} للفواحش والكبائر {في جنات وعيون} يعين: عيون الماء والخمر.